نجح فريق بحثي بقيادة الأستاذ المشارك تاكاشي إيكونو من جامعة طوكيو للعلوم في ابتكار مشبك عصبي اصطناعي قد يحدث ثورة في طريقة رؤية الآلات للعالم. وقد نُشرت نتائج هذا الابتكار في مجلة "ساينتيفيك ريبورتس" بتاريخ 12 مايو 2025، حيث يحاكي الجهاز الرؤية اللونية البشرية مع الاستغناء التام عن مصادر الطاقة الخارجية.
وعلى عكس أنظمة الرؤية الآلية التقليدية التي تلتقط وتعالج كل التفاصيل، مما يتطلب طاقة وموارد حوسبة كبيرة، يعمل هذا الجهاز الجديد بطريقة أقرب إلى العين البشرية. إذ يدمج نوعين مختلفين من الخلايا الشمسية الحساسة للأصباغ، تستجيب كل منهما لأطوال موجية مختلفة من الضوء، ما يمكّن المشبك العصبي الاصطناعي من توليد الكهرباء ذاتيًا عبر تحويل الطاقة الشمسية، مع تمييز الألوان بدقة مذهلة.
يستطيع النظام اكتشاف الفروق اللونية بدقة تصل إلى 10 نانومتر عبر الطيف المرئي، وهي دقة تقترب من قدرات العين البشرية. كما يتميز الجهاز باستجابة ثنائية القطب، حيث ينتج جهدًا كهربائيًا موجبًا عند التعرض للضوء الأزرق وسالبًا عند الضوء الأحمر، ما يمكّنه من تنفيذ عمليات منطقية معقدة عادةً ما تتطلب عدة أجهزة تقليدية.
ولإثبات التطبيقات العملية، استخدم الباحثون جهازهم ضمن إطار حوسبة الخزان الفيزيائي للتعرف على حركات بشرية مختلفة مسجلة بألوان الأحمر والأخضر والأزرق. وحقق النظام دقة مبهرة بلغت 82% عند تصنيف 18 مجموعة مختلفة من الألوان والحركات باستخدام جهاز واحد فقط، مقارنة بالحاجة إلى عدة ثنائيات ضوئية في الأنظمة التقليدية.
وتتجاوز آثار هذا البحث العديد من الصناعات. ففي المركبات ذاتية القيادة، يمكن لهذه الأجهزة تحسين كفاءة التعرف على إشارات المرور والعلامات والعوائق. وفي قطاع الرعاية الصحية، قد تزوّد الأجهزة القابلة للارتداء لمراقبة المؤشرات الحيوية مع استهلاك طاقة منخفض للغاية. أما في الإلكترونيات الاستهلاكية، فقد تتيح هذه التقنية هواتف ذكية ونظارات الواقع المعزز/الافتراضي بعمر بطارية أطول بكثير مع الحفاظ على قدرات التعرف البصري المتقدمة.
وقال الدكتور إيكونو: "نعتقد أن هذه التقنية ستسهم في تحقيق أنظمة رؤية آلية منخفضة الاستهلاك للطاقة وقادرة على تمييز الألوان بدقة تقارب العين البشرية". ويمثل هذا الإنجاز خطوة مهمة نحو توفير الرؤية الحاسوبية الفعالة للأجهزة الطرفية، ما يمكّن تقنياتنا اليومية من رؤية العالم بطريقة أقرب لما نراه نحن.