كشف العلماء عن أوجه تشابه لافتة بين طريقة معالجة نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) للغة وطريقة معالجة الدماغ البشري لها، على الرغم من اختلاف البنى الداخلية ومتطلبات الطاقة بينهما بشكل كبير.
وأظهرت دراسة مشتركة بين Google Research وجامعة برينستون وجامعة نيويورك والجامعة العبرية في القدس أن النشاط العصبي في الدماغ البشري يتوافق خطيًا مع التمثيلات السياقية الداخلية لنماذج اللغة الكبيرة أثناء المحادثات الطبيعية. واكتشف الباحثون أن كلا النظامين يشتركان في ثلاثة مبادئ حسابية أساسية: التنبؤ بالكلمات القادمة قبل سماعها، ومقارنة التوقعات بالمدخلات الفعلية لاحتساب عنصر المفاجأة، والاعتماد على التمثيلات السياقية لمنح الكلمات معنى دقيقًا.
وأشار الباحثون في نتائجهم المنشورة في مجلة Nature Neuroscience: "نثبت أن التمثيلات الداخلية على مستوى الكلمة التي تولدها نماذج اللغة العميقة تتوافق مع أنماط النشاط العصبي في مناطق الدماغ المعروفة بفهم وإنتاج الكلام".
ومع ذلك، هناك اختلافات جوهرية. ففي حين تعالج نماذج اللغة الكبيرة مئات الآلاف من الكلمات في الوقت نفسه، يعالج الدماغ البشري اللغة بشكل تسلسلي، كلمة بكلمة. والأهم من ذلك، أن الدماغ البشري ينفذ مهام معرفية معقدة بكفاءة طاقة مذهلة، إذ يستهلك حوالي 20 واط فقط، مقارنة بالمتطلبات الهائلة للطاقة في النماذج اللغوية الحديثة.
ويشرح بحث منشور في مجلة Nature Human Behaviour: "تحقق الشبكات الدماغية كفاءتها من خلال إضافة أنواع عصبية أكثر تنوعًا وتوصيلات انتقائية بين أنواع مختلفة من الخلايا العصبية في وحدات متميزة داخل الشبكة، بدلاً من مجرد إضافة المزيد من الخلايا العصبية أو الطبقات أو الروابط".
وفي تطور مفاجئ، وجد باحثو BrainBench أن نماذج اللغة الكبيرة باتت تتفوق على خبراء علم الأعصاب في توقع نتائج التجارب العصبية. إذ حقق نموذجهم المتخصص BrainGPT دقة بلغت 81% مقارنة بـ 63% لعلماء الأعصاب. وكما هو الحال لدى الخبراء البشريين، أظهرت النماذج دقة أعلى عند التعبير عن ثقة أكبر في توقعاتها.
تشير هذه النتائج إلى مستقبل قد تشهد فيه الحوسبة المستوحاة من الدماغ تحسينًا كبيرًا في كفاءة الذكاء الاصطناعي. ويبحث العلماء حاليًا في الشبكات العصبية النبضية (SNNs) التي تحاكي الخلايا العصبية البيولوجية بشكل أوثق، ما قد يتيح تطبيقات تتراوح من طائرات الإنقاذ المسيرة الموفرة للطاقة إلى الأطراف الاصطناعية العصبية المتقدمة.
ومع استمرار تطور نماذج اللغة الكبيرة نحو معالجة أقرب إلى الدماغ البشري، يصبح الحد الفاصل بين الذكاء الاصطناعي والذكاء البيولوجي أكثر ضبابية، مما يثير تساؤلات عميقة حول طبيعة الإدراك ذاته.