حققت شركة أنثروبيك إنجازاً كبيراً في تطوير الذكاء الاصطناعي مع نموذجها كلود 4 أوبوس، الذي أظهر قدرات برمجية تضاهي تلك التي يمتلكها المبرمجون البشريون ذوو الخبرة.
تم إطلاق كلود 4 أوبوس في مايو 2025، وأصبح النموذج الرائد في مجال برمجة الذكاء الاصطناعي، حيث سجل رقماً قياسياً بنسبة 72.5% على معيار SWE-bench، وهو اختبار هندسة برمجيات صارم يقيس الأداء في التعامل مع مشكلات واقعية على منصة GitHub. هذا الأداء يتفوق بشكل ملحوظ على نموذج GPT-4.1 من OpenAI، الذي سجل 54.6% في نفس الاختبار.
ما يميز كلود 4 أوبوس هو قدرته غير المسبوقة على الحفاظ على التركيز والسياق لفترات طويلة. ففي اختبارات أجريت لدى شركة راكوتين، عمل النموذج بشكل مستقل على مشروع إعادة هيكلة مفتوح المصدر معقد لمدة تقارب سبع ساعات دون أن يفقد التركيز أو الترابط، وهي ميزة تحول الذكاء الاصطناعي من أداة استجابة سريعة إلى شريك حقيقي في المشاريع التي تتطلب عملاً متواصلاً طوال اليوم.
وبفضل نافذة سياق تصل إلى 200,000 رمز، يستطيع كلود 4 أوبوس معالجة قواعد بيانات برمجية كاملة للشركات، والتنقل بين تغييرات متعددة ومعقدة في الملفات، والتكيف مع أنماط البرمجة الخاصة، مع تقديم جودة استثنائية في مشاريع التوليد وإعادة الهيكلة البرمجية واسعة النطاق. ووفقاً لتعليقات المطورين، يُظهر النموذج مهارات تعادل تلك التي يمتلكها مبرمج كمبيوتر من حملة الدكتوراه في منتصف مسيرته المهنية.
ويمثل هذا التطور أكثر من مجرد تقدم تقني؛ بل يشير إلى تحول جذري في طريقة تعامل المؤسسات مع الأعمال المعرفية. فالمهام التي كانت تتطلب انتباهاً بشرياً مستمراً يمكن الآن إسنادها إلى أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على الحفاظ على التركيز والسياق لساعات أو حتى أيام. وتعد الآثار الاقتصادية لهذا التغيير كبيرة، خاصة مع توقعات المحللين بأن عام 2025 سيشهد بداية استبدال كبير للوظائف التشغيلية المبتدئة في خدمة العملاء بقطاعات الصحة والمالية والقانون.
وعلى الرغم من تميز كلود 4 أوبوس في البرمجة، إلا أنه يُظهر أيضاً قدرات قوية في البحث والكتابة والاكتشاف العلمي. ويتوفر النموذج عبر عدة قنوات، منها واجهة برمجة التطبيقات الخاصة بأنثروبيك، وخدمة Amazon Bedrock، ومنصة Vertex AI من Google Cloud، بأسعار تبدأ من 15 دولار لكل مليون رمز إدخال و75 دولار لكل مليون رمز إخراج.
ومع استمرار تطور أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل كلود 4 أوبوس، لم يعد التحدي أمام المؤسسات هو التساؤل عما إذا كان الذكاء الاصطناعي يستطيع مجاراة مهارات البشر، بل كيفية التكيف مع مستقبل قد يصبح فيه أكثر شركائنا إنتاجية رقميين بدلاً من أن يكونوا بشراً.