menu
close

أنظمة الذكاء الاصطناعي تُحدث ثورة في إنتاج الأسمنت الصديق للبيئة

طور باحثو الذكاء الاصطناعي في سويسرا نظامًا يقلل بشكل كبير من البصمة الكربونية للأسمنت من خلال إعادة تصميم تركيبته، حيث يحاكي آلاف التركيبات الممكنة للمكونات لتحديد تلك التي تحافظ على القوة مع تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير. تنتج صناعة الأسمنت حوالي ثمانية في المئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية، أي أكثر من قطاع الطيران بأكمله على مستوى العالم، مما يجعل هذا الابتكار من معهد بول شيرر (PSI) ذا أهمية خاصة. في الوقت نفسه، طور باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) نظام ذكاء اصطناعي مشابه يقيم ويصنف المواد المرشحة لإنتاج خرسانة أنظف بناءً على خصائصها الفيزيائية والكيميائية.
أنظمة الذكاء الاصطناعي تُحدث ثورة في إنتاج الأسمنت الصديق للبيئة

طوّر فريق متعدد التخصصات في مختبر إدارة النفايات بمركز الهندسة والعلوم النووية في معهد بول شيرر (PSI) نهجًا مبتكرًا لإنتاج الأسمنت باستخدام تقنيات التعلم الآلي. وتوضح عالمة الرياضيات رومانا بويغر، المؤلفة الأولى للدراسة: "يتيح لنا هذا النظام محاكاة وتحسين تركيبات الأسمنت بحيث تصدر انبعاثات أقل بكثير من ثاني أكسيد الكربون مع الحفاظ على نفس المستوى العالي من الأداء الميكانيكي. وبدلاً من اختبار آلاف التركيبات في المختبر، يمكننا استخدام نموذجنا لتوليد اقتراحات عملية للوصفات خلال ثوانٍ معدودة – إنه أشبه بكتاب طبخ رقمي لإنتاج الأسمنت الصديق للبيئة".

قام الباحثون في معهد PSI بتدريب الشبكة العصبية الخاصة بهم باستخدام بيانات تم توليدها من برنامج النمذجة الديناميكية الحرارية مفتوح المصدر GEMS. ويشرح الباحث نيكولاوس براسياناكيس: "بمساعدة برنامج GEMS، حسبنا – لمجموعة متنوعة من تركيبات الأسمنت – المعادن التي تتكون أثناء التصلب والعمليات الجيوكيميائية التي تحدث". ومن خلال دمج هذه النتائج مع بيانات تجريبية ونماذج ميكانيكية، تمكن الفريق من اشتقاق مؤشرات موثوقة لخصائص الأسمنت الميكانيكية وجودة المادة.

ومن بين التركيبات التي حددها الباحثون، هناك بالفعل خيارات واعدة. ويقول جون بروفيس، رئيس مجموعة أبحاث أنظمة الأسمنت في PSI: "بعض هذه التركيبات لديها إمكانات حقيقية، ليس فقط من حيث تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والجودة، بل أيضًا من حيث إمكانية التطبيق العملي في الإنتاج". وتعد هذه الدراسة بمثابة إثبات للمفهوم – حيث تُظهر أنه يمكن تحديد التركيبات الواعدة من خلال الحسابات الرياضية. وقبل التطبيق الفعلي، يجب اختبار هذه الوصفات معمليًا أولاً.

وفي تطور متوازٍ، نشر باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بقيادة الباحث سوروش محجوبي ورقة علمية مفتوحة المصدر في مجلة Communications Materials التابعة لـ Nature، يوضحون فيها حلاً مشابهًا قائمًا على الذكاء الاصطناعي. وأشار فريق MIT إلى أن مواد مثل الرماد المتطاير والخبث تُستخدم منذ فترة طويلة لاستبدال جزء من الأسمنت في خلطات الخرسانة، لكن الطلب على هذه المنتجات يفوق العرض مع سعي الصناعة لتقليل التأثيرات المناخية. ويقول محجوبي: "أدركنا أن الذكاء الاصطناعي هو المفتاح للمضي قدمًا. هناك كم هائل من البيانات حول المواد المحتملة – مئات الآلاف من الصفحات من الأدبيات العلمية. كان تصنيفها سيستغرق أعمارًا عديدة من العمل، وبحلول ذلك الوقت ستكون هناك مواد جديدة قد اكتُشفت!"

وبتحليل الأدبيات العلمية وأكثر من مليون عينة صخرية، استخدم فريق MIT إطار عملهم لتصنيف المواد المرشحة إلى 19 نوعًا، تتراوح من الكتلة الحيوية إلى المنتجات الثانوية للتعدين ومواد البناء المهدمة. ووجد محجوبي وفريقه أن المواد المناسبة متوفرة عالميًا – والأكثر إثارة للإعجاب أن العديد منها يمكن دمجه في خلطات الخرسانة بمجرد طحنها فقط.

تُحدث هذه الابتكارات في مجال الذكاء الاصطناعي ثورة في صناعة الأسمنت، حيث تحول عمليات التصنيع وتصبح أدوات لا غنى عنها في مواجهة التغير المناخي من خلال تمكين طرق مبتكرة وفعالة للغاية لإنتاج الأسمنت منخفض الكربون.

Source:

Latest News